عندما يغيب الوازع ويقوى دافع الجريمة .
يقول نزار :
سقطت آخر جدران الحياء.
و فرحنا.. و رقصنا..
لم يعد يرعبنا شيئٌ..
و لا يخجلنا شيئٌ..
فقد يبست فينا عروق الكبرياء…
2
سقطت..للمرة الخمسين عذريتنا..
دون أن نهتز.. أو نصرخ..
أو يرعبنا مرأى الدماء..
و دخلنا في زمان الهرولة..
ووقفنا بالطوابير, كأغنامٍ أمام المقصلة.
و ركضنا.. و لهثنا..
و تسابقنا لتقبيل حذاء القتلة..
ــ بالنظر إلى صفحة الواقع تترى أمامنا صور ومشاهد مروعة ، غاية في السفالة والحطــــــة ، تأخذ بتلافيف دماغك إلى حيث اللارجوع ، ولربما تعيد ترتيب أبجديات التعاطي مع الأخـــــــــر ـــ كل الأخــــر ـــ كونك تتوجس خيفة وحذر من هذا الأخر ، طالما وأن واقع الناس ينبي بتفاقم أزماتنا مع كل الأخـــــــــر ــ إلا ماندر ــ ...
ـ جرائم في كل مكان ، سرقات . اختلاسات بالملايير ، اعتداءات من ذوي القربي على المحارم والأعراض ، ابتزازات ، انتهاكات لأصول الشرائع والأعراف ، تحرشات ، مساومات ، حطة في الأخلاق ، عري مفضوح ، استغلال غير مشروع للوظيفة والمنصب ، تراجع مكانة التربية بانتفاء التربية ، تحول الكثير من أهل العلم والأخلاق والتربية إلى ذئاب بشرية تصطاد الفريسة بالنقطة على مستوى المؤسسات التربوية وبأشياء أخرى في مؤسسات أخرى ، تحول الجامعات ـ أيضا في الكثير الكثير منها ــ إلى مؤسسات للهدم الأخلاقي بإمتيار ، عدم الارتكان إلى ضرورة تقديم الأصلح والأفيد للأمة في أي مكان ، المحسوبية سمة التعاطي المجتمعية بامتياز ، البيروقراطية نبتة لها أشياع وأتباع ، الرشوة ديدن حياة الناس ولا فخر ، جيل يعلن تمرده في الغالب على معطى الأصالة والعفة ، تأثير واضح للبرابول وأشياء أخرى على الفتيات وشرائح واسعة من المجتمع ، الماسك على دينه كالماسك على الجمر في خضم الإفرازات المجتمعية المريرة ، استحلال الحرام وتزيينه بمواصفات حضاريـــــــة ، تراجع حتى على مستوى الفكر والبحث الجاد ، واعتلاء التمريرية في أبحاث ودراسات النخب العالية للأمــــــــــــة ، حتى الدين لم يعد دين بالمعنى السامي والنظيف ، غدا وسيلة للضحك على ذقون المغفلين والطيبين في أغلب الأحيان ، كثر النفاق ، سادت الرذيلة ، حمـــــِد الناس صنيع التافهين وذموا الأصلاء والفاعلين ، انزوى الخير وصار للشر صولجان ، بغى الظالمون وأمــــدُّوا بساط ظلمهم حتى شمل كامل الأرجاء ، كثر المترفون المنعمون بالديباج والحرير المنزوع قسرا من حق المكلومين و المعطوبين و" المحقورين " ، احترف الكثير من الناس فــــــن المناورة والكذب " الأبيض" كما يقولون ــ غير أنه أسود شديد القتامة في الحقيقة ـــ أصبح المعــــــــــروف بدعة وفعلا مقتا ، وقد يوصل صاحبه إلى مهاوي الُمسآلـــــــــــة والسقوط المعــــــــــــلن ...
و لربما غيرها كثير كثيــــــــــــــــــــــــــر ........
إيه يا زمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن !!!! .
ماذا أقول ؟......
ـ أيحدث كل هذا بين وسطنينا ، وفينا الصالحــــــــــون ؟ .
ـ قد قالها الأقدمون سلفا ، ولم تشفع لهم قولتهم ، بل حاطهم العذاب وشملتهم اللعنة .
لست أدري ما الذي حصل في مجتمعنا حتى صار بهذا السوء ، وصارت قضايانا بهذا القبح ، أصبحنا لا نستحي من فعل أي شيء ، بل نتباهى بفعل أي شيء ، ولا نعتبر ذلك عارا أو عيبا بمنطق العامة .
لماذا صرنا هكذا ؟ سؤال نحار كيف نجيب عنه . ولكن ربما هي نتائج أفعالنا الذميمة والقبيحة ، ألم نقرأ في القـــــــــــــرآن { كما تكونوا يولى عليكم } ، ونقــــــــــــــرأ في عرف الناس : ( الجزاء من جنس العمل ـ ونحصد ما نزرع ) ، وفي أمثال العرب نجد : لا تجني من الشوك العنب .
ــ نعم: لا نجني من الشوك العنب، بل نجني الشوك.
كم من الجرائم وقعت خلال هذه الأيام فقط، وهي جرائم من العيار الثقيل، لفداحتها يقف شعر المرء.... هل لحقتنا اللعنة ، فتجرعنا كأس الندامة ؟ ربما .
ربما حِـــــــــدنا على الطريق الصحيح الذي خطه الأولون ومات من أجله الأبطال الأشاوس ، وبذلك صرنا على ما نحن عليه من الضعة ..
وربما ما حصل للجزائر خلال الحقبة السوداء المريرة ، ــ والتي لا تزال بعض فلولها تحدث أضرارا وشروخا في عضد الأمة هنا أو هناك ــ ، أورثها هذا الهم وألزمـــــــــــــها هذا الوصب الكبير ..
وربما أيضا قد اعترانا ما اعترى الأمم من قبلنا.. ركنا إلى الدنيا وتِهنا بين دروبها ومحطاتها وملذاتها ، وأنسانا بريقها الزائف الاهتمام بما يجعلنا أهلا للبقاء الحسن ، فكان ما كان من أوضاعنا القبيحة فيها .
ـ نعم لاشك أن لهذه الأثـــــــــــــــرة المقيتة امتداد يصلنا بذاك الصديد المعلن منذ وقت بعيد ، فقد خبرنا المرحلة وألفينا أن لهكذا رعناء جذور ، نحن بجهالتنا من أشعلنا جذوتها و هيأنا لنا الأغصان ، وأمددناها بما يقيم أساسها الخَــــــــــــــرِب فينا .
وبذلك حق علينا أن يطالنا من شررها الكثير ، وقد طالنا منه الكثير الكثير .
فلنعمد إلى طمس الجذوة، وبعث متاح الفكرة الخلاقة وربط واقع الناس بما هو أدعى للقبول الحســــــــــــــن في الدنيا والآخرة.
منقول